Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الفقهيات

لعن الله المصورين وتوعدهم بالعذاب، لكن هل تعلم أن هناك ٦ أنواع من الصور حلال؟

ورد عن النبيِّ ﷺ في التَّصوير وعيدٌ شديدٌ، وقد عدَّه جماعة من العلماء في كبائرِ الذنوب، وممَّا ورد في ذلك:

حديث عائشة، أن رسول الله ﷺ قال: (إن أصحابَ هذه الصُّورِ يومَ القيامة يُعذَّبون, فيُقَالُ لهم: أحيوا ما خلقتُم), وقال: (إن البيتَ الذي فيه الصُّورُ لا تدخلُه الملائكةُ). [أخرجه البخاري ومسلم].

وحديث ابن عمر رضي الله عنه، أن رسولَ الله ﷺ قال: (الذين يصنعونَ الصُّورَ يُعذَّبون يومَ القيامة, يُقَالُ لهم: أحيوا ما خلقتُم). [أخرجه البخاري ومسلم].

وحديث ابن عبَّاس، أن رسولَ الله ﷺ قال: (كلُّ مصوِّرٍ في النَّارِ, يُجعَلُ له بكل صورةٍ صوَّرها نفْسًا, فتُعذِّبَه في جهنمَ). [أخرجه البخاري ومسلم].

وحديث ابن عبَّاسٍ، أن رسولَ الله ﷺ قال: (إن أشدَّ النَّاسِ عذابًا عند الله يومَ القيامةٍ المصوِّرون). [أخرجه البخاري ومسلم].

وحديث أبي جُحَيفة رضي الله عنه، (أن النبيَّ ﷺ نهى عن ثمن الدَّمِ، ولعن المصوِّرَ). [أخرجه البخاري].

ولكن ليست كلُّ التصاويرِ محرمةٌ، بل بعضُها حلالٌ، وبعضُها حرامٌ، وهذه 6 أنواعٍ من التصاويرِ أجازها العلماءُ:

١- صور غير ذوات الأرواح:

سواء كانت من المصنوعاتِ البشريَّة كالسُّفنِ والمنازلِ ونحوِها, أو المخلوقاتِ الكونيَّة كالشَّمسِ والنُّجومِ ونحوِها, أو الأجسامِ النَّاميةِ كالأشجارِ والثِّمار ونحوِها؛ فكلُّ هذه تصويرُها حلالٌ.

وهذا قولُ الجمهورِ وأصحابِ المذاهبِ الأربعة.

ومن أدلتهم: قول ابن عباس رضي الله عنهما: (إن كنتَ لابُدَّ فاعلًا، فاصنَعِ الشَّجرَ وما لا نفسَ له). [أخرجه مسلم].

ومنها: قولُ جبريلَ عليه السلام للنبيِّ ﷺ: (مُر برأسِ التِّمثالِ الذي بالبابِ فليُقطَعْ، فليَصيرَ كهيئةِ الشَّجرةِ، ومُرْ بالسِّتْرِ فليُقطَعْ، ويُجعَلُ منه وسادتين مُنتَبذتين يُوطَآن). [أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي بسند حسن].

فدلَّ ذلك على إباحةِ الصُّورة بعد قطعِ رأسِها، وإباحةِ تصوير ما لا روحَ فيه.
وذهب بعضُهم إلى منعِ تصويرِ أيِّ شيءٍ من المخلوقاتِ والمصنوعاتِ مطلقًا، وهو قولٌ لبعضِ العلماءِ غيرُ مشهورٍ وشاذٍّ، والفتوى على خلافِه.

٢- صور ذوات الأرواح المجسِّمة إذا كانت مقطوعة الرأس، أو غير المجسِّمة إذا كانت ممحوَّه الوجه:

فهذه تجوز، وهذا هو قولُ الأئمةِ الأربعة.

وعلى هذا أدلةٌ كثيرةٌ؛ منها: قولُ جبريل عليه السلام السالف للنبيِّ ﷺ: (مُر برأسِ التِّمثالِ الذي بالبابِ فليُقطَع).
وقال بعض العلماء بالتحريم، وهو قولٌ غير مشهور.

٣- الصور المجسِّمة المجسِّدة والمنقوشة لذوات الأرواح (الناقصة والمشوهة):

وهذه اختلف فيها الفقهاءُ؛ فقال بعضُهم بالإباحة، فإذا قُطِع من الصُّورة أيُّ عضوٍ من الأعضاءِ التي لا يمكنُ بقاءُ الحياةِ مع فقدِها، كصدرِه، أو بطنِه، فإن هذا يكفي لإباحةِ الصُّورةِ، ولو كان الرأسُ باقيًا.

وهذا قولُ الأحنافِ، والمالكيَّةِ، وجمهورِ الشافعيَّة، والحنابلةِ.

قال بعض الباحثين: وكأنهم قاسوا ذلك على جوازِ تصوير حيوانٍ لا نظيرَ له في المخلوقات، فإذا جاز تصويرُ حيوان لا نظيرَ له جاز بقاءُ الرَّأسِ مع فقد عضو لا تبقى الحياة بدونه. قلت: وفي كلامه نظر.

وقال بعض العلماء بالتحريم، وأنه يجب قطعٌ الرَّأس.وهو قولٌ بعضِ الشافعية ومتأخري الحنابلة.

وأنا متوقفٌ عن التَّرجيحِ في هذه المسألة، نسألُ الله أن يهديَنا لما اختُلِف فيه من الحقِّ بإذنه، إنه يهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ.

٤- الصور المجسِّمة للأطفال يلعبون بها:

وهذه اختلف فيها الفقهاء؛ فقال بعضه: تجوز مطلقًا.

ومن أدلتِهم: حديثُ عائشة رضي الله عنها، قالت: كنتُ ألعبُ بالبنات عند النبيِّ ﷺ، وكان لي صواحبٌ يلعبْنَ معي .. [أخرجه البخاري ومسلم].

وحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قدِم رسولُ الله ﷺ من غزوةِ تبوكَ أو خيبرَ، وفي سهوتها سِتر، فهبت ريحٌ فكشفتْ ناحيةَ السِّتر عن بناتٍ لعائشةَ لُعَبٍ، فقال: (ما هذا يا عائشة؟)
قالت: بناتي.
ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رِقَاعٍ، فقال: (ما هذا الذي أرى وسْطَهنَّ؟)
قالت: فرسٌ.
قال: (وما هذا الذي عليه؟)
قالت: جناحان.
قال: (فرسٌ له جناحانِ؟)
قالت: أما سمعتَ أن لسليمانَ خيلًا لها أجنحةٌ؟
قالت: فضحِك حتى رأيتُ نواجذَه. [أخرجه أبو داود والنسائي في “الكبرى” بسند صحيح].

ومنها: حديث الرُّبَيِّع بنتِ مُعوِّذ قالت: أرسل النبيُّ صلى الله عليه وسلم غَداةَ عاشوراءَ إلى قُرى الأنصارِ: (من أصبح مفطرًا، فليُتِمَّ بقيَّةَ يومِه، ومن أصبح صائمًا، فليَصُم).
قالت: فكُنَّا نصومُه بعد، ونُصَوِّمُ صبيانَنا، ونجعلُ لهم اللُّعبَةَ من العِهْنِ، فإذا بكى أحدُهم على الطَّعام أعطيناه ذاك حتى يكونَ عند الإفطارِ. [أخرجه البخاري ومسلم].

وهذا قولُ الأحنافِ، والمالكيَّة، والشافعيَّة، وبعضِ متأخري الحنابلة.

وقال بعض العلماء بالجواز بشرط أن تكون مقطوعةَ الرَّأس.
لعموم النهي، واستثنوا مقطوعة الرأس لورود الدليلِ بعدم حرمتِها.
وهذا قولُ بعضِ المالكيَّة، والحنابلة.

وقال بعض العلماء بالتحريم مطلقا؛ لعموم النهي.
وهو قول بعض الشافعيَّة، وبعض الحنابلة.

والأصحُّ عندي قولُ جمهورِ العلماء بالجواز؛ لما تقدَّم، والله أعلم.

وأما الألعاب المعاصرة للأطفال:

فهذه اختلف فيها الفقهاء المعاصرون؛ فقال بعضهم: إنها لا تجوز، وأن كلام العلماء القدامى على اللُّعَب كانوا يعنون به اللُّعَب التي على شكل لعب عائشةَ رضي الله عنها، والتي كانت تُعمَل من العِهن، والخِرَق، والرِّقاع، وأما هذه اللُّعَب الحديثة المصنوعة من البلاستيك ونحوه فلم تكن معروفة، ولم تكن موجودةً في عصرِهم.
وممن قال بهذا: الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وصالح الفوزان.

وقال بعضهم بالجواز قياسًا على اللعب التي وردت عن عائشة والرُّبَيِّع.
وممن قال بهذا: الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، ويوسف القرضاوي.

والأظهر لي جوازها؛ قياسا على الألعاب القديمة، ولخلوها من علة المضاهاةِ والتَّعظيم لغير الله، والله أعلم.

٥- الصور التي لا نظيرَ لها من المخلوقات:

وهذه فيها وجهان للعلماء؛ فقال بعضهم بالتحريم. وهو قول جمهور الشافعية.

وقال بعضهم بالجواز، وقول قول بعض الشافعية.

وأما الأحناف والمالكيَّة والحنابلة فلم أقِف على كلامٍ صريحٍ لهم في هذه المسألةِ، وأنا أميلُ إلى الجوازِ، وإن كنتُ أرى البُعد عن ذلك أسلم، والله أعلم.

٦- التصوير الفوتوغرافي:

اختلف أهلُ العلم المعاصرين في ذلك:

فقال بعضُهم بالتحريم, إلا ما كان للحاجةِ والضَّرورةِ؛ لعمومِ الأدلة.

وقال بعضُهم بالجوازِ مع الكراهةِ لغيرِ حاجةٍ.

وقال بعضُهم بالجواز مطلقًا.

وحجتهم في ذلك: أنه ليس تصويرًا بالمعنى الذي جاءت به الشريعة، فالتصوير بالآلة ليس تصويرًا في الحقيقة، فليس فيه تشكيل ولا تخطيط، وإنما هو نقلُ شكل شكَّله الله، وإظهارٌ لصورةٍ موجودةٍ. وقالوا: إن علةَ مضاهاةِ خلقِ الله ليست موجودة.

قلت: التصوير في اللغة هو: صناعة الصُّورة واختراعها، وهذا لا ينطبقُ على التَّصوير الفوتوغرافي، والله أعلم.

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى