Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الفقهيات

كيفية قضاء الصلاة الفائتة.. لو نمت عن صلاة عمدا أو سهوًا أو لك سنوات لا تصلي، ماذا تفعل؟

هذه مسألةٌ مهمّةٌ يحتاجُ إليها كثيرٌ من المسلمين في هذه الأيّام التي قصّر كثيرٌ منّا في صلاتِه وفرّط فيها، فإذا كنت مُقصّرًا في الصّلاة، وتركت صلواتٍ لسنواتٍ أو شهورٍ أو أسابيعَ، أو نمتَ عن صلاةٍ دونَ عمدٍ، فماذا تفعل؟

سوف نتكلمُ عن هذا الموضوعِ في ثلاث نقاط:

١- إذا تركت الصّلاةَ سهوًا أو نمتَ عنها دون تعمّدٍ:

إذا تركتَ الصّلاةَ سهوًا، أو نمتَ عنها دون تَعمُّدٍ، فلا إثمَ عليك، ويجبُ أن تُصلّي الصّلاة أول ما تتذكّر، أو أوّل ما تقُوم من نومِك، وهذا بإجماعِ العلماءِ.

عن أنسٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ ﷺ قال: (من نسي صلاةً فليُصَلِّ إِذا ذكرها لا كفّارةَ لها إلّا ذلك). [أخرجه البُخاريّ ومُسلم].
وفي روايةٍ: (مَن نام عن صلاةٍ أو نسِيَ صلاةً فليُصلِّها إذا ذكرها وإذا استيقظَ).

وفي حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ ﷺ وهو راجعٌ مِن غزوةِ خيبرَ عرّسَ في الطّريق ليَستريح، فنام ونام أصحابُه، وترك بلالًا رضي الله عنه مُستيقظًا ليوقظَهم لصلاةِ الفجر، فظلّ بلالٌ مستيقظًا ثم غلَبه النّوم، فلم يستيقِظ رسول الله ﷺ ولا بلال ولا أحدٌ مِن أصحابِه حتى ضربتهُم الشَّمسُ.
فكان رسولُ الله ﷺ أوَّلَهم استيقاظًا، ففزِع رسولُ الله ﷺ، فقال: (أيْ بلالُ).
فقال بلالٌ: أخذ بنَفْسِي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله.
فتوضأ رسولُ الله ﷺ، وأمر بلالًا فأقام الصّلاة، فصلّى بهم الصبحَ، فلمّا قضى الصّلاةَ، قال: (مَن نسِيَ الصّلاة فليُصَلّها إذا ذكرها، فإنّ الله قال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]). [أخرجه مسلم].

وأخرج مسلم كذلِك من حَديث أبي قتادةَ، في سفرةٍ أخرى، ونام رسول الله ﷺ ونام أصحابُه، ولم يُوقِظْهم إلّا حرُّ الشّمسِ، فصلّى رسولُ الله ﷺ، وقال: (أما إنّه ليس في النّومِ تفريطٌ، إنما التّفريطُ على مَن لم يُصلِّ الصَّلاة حتّى يجِيءَ وقتُ الصّلاةِ الأخرى، فمَن فعل ذلك فليُصَلّها حين ينتبِهُ لها، فإذا كان الغدُ فليُصَلّها عند وقتها).

٢- تركُ الصّلاةِ عمدًا حتّى ينقضِيَ وقتُها:

لإذا تركت الصّلاةِ عمدًا حتّى ينقضِيَ وقتُها فهذا حرامٌ وكبيرةٌ من الكبائر. وعلى هذا أدلةٌ كثيرةٌ، ومحلّ بسطِها في موضعٍ آخر إن شاء الله، ويكفي أن نُذكِّر بقول الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5].

قال العلماُء: هو الذي يُؤخّرُ الصّلاةَ عن وقتِها.

وقد صحَّ في البخاريِّ أنَّ الذي ينامُ عن الصَّلاة المكتوبةِ يُعَذّب في قبرِه.

٣- ماذا تفعلُ في الصَّلواتِ التي تركتَها عامدًا دون عذرٍ حتّى انقضى وقتُها:

اختلف الفقهاءُ في هذه المسألةِ على قولينِ؛ فقيل: يجبُ القضاءُ، وقيل: لا يجبُ، وهذا تفصيلٌ للمسألة.

✍️ القول الأول: وجوبُ القضاءِ:

وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، وهو قولُ المذاهبِ الأربعة.

ومن أدلّتهم:

١- عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال: أتى رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: إنّ أختي نذرَتْ أن تَحُجَّ، وإنها ماتت.
فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لو كان عليها دينٌ أكنتَ قاضِيه؟)
قال: نعم.
قال: (فاقضِ اللهَ، فهو أحقُّ بالقضاءِ). [أخرجه البخاري].

٢- أنّه إذا وجب القضاءُ على النّاسي وهو معذورٌ، فمن بابِ أولى يجبُ القضاءُ على العامدِ وهو آثمٌ.

وقد حكى بعضُ العلماءِ الإجماعَ على أنَّه يجبُ قضاءُ الصَّلاةِ الفائتةِ، لكنّ الإجماعَ مُنخَرِمٌ. قال محمدُ بن نصر: إذا ترك الرَّجلُ صلاةً مُتعمِّدًا حتَّى يذهبَ وقتُها فعليه قضاؤُها، لا نعلم في ذلك اختلافًا إلّا ما يُروَى عن الحسن.

✍️ القول الثاني: لا يجبُ قضاؤها، ولا يصِحُّ.

وهو قولُ الظّاهريَّة، ورجَّحه ابنُ تيمية والشَّوكاني.

ومن أدلَّتِهم:
١- قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]. وقد انقضى وقتُها، فلا تصِحّ.

٢- أنَّ النبيَّ ﷺ ذكر أنّ الذي يقضي الصَّلاةَ: النَّاسي، والنَّائمُ الذي لم يتعمَّد، ولم يذكُر من تركها عامدًا.

✍️ والذي أراه أقربَ للصَّوابِ -والله أعلم- أنَّ الصَّلاةَ الفائتةَ لا تخلو من أحوالٍ:

١- أن تكونَ تركتَ صلاةً واحدةً، حتّى دخل وقتُ صلاةٍ أخرى، فيجبُ عليك أن تُصَلّيها، وتستغفرَ اللهَ مِن هذا الذَّنبِ.

٢- أن تَكونَ تَركتَ عِدّة صَلَواتٍ حتّى دَخَل وَقتُ صلاةٍ أُخرَى، فيَجِبُ عليكَ أن تُصَلّيهَا مُرَتَّبَةً، وتَستَغفِر اللهَ مِن هذا الذَّنبِ.

٣- أن تكونَ مَضت لك أسابيعُ أو شهورٌ أو سنواتٌ لم تُصَلِّ، فالأحبُّ عندي أن تُحصِيَ عددَ الأيَّام أو الأسابِيعِ أو الشُّهُورِ أو السَّنواتِ التي لم تُصَلّها، ثمّ تصلِّي مع كلّ صلاةٍ حاضرةٍ صلاةً فائتةً إن تيسّر لك، أو تصلّي كلَّ يَومٍ خمس صلواتٍ، أو تُصَلّي كيفما تيسَّر لك.

ومع كلِّ هذا فأكثِرْ من النَّوافلِ والسُّننِ قدرَ استِطاعتِك؛ لحديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: (أولُ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه: الصّلاة، فإذا صَلحَت فقد أفلحَ وأنجحَ، وإن فسَدَت فقد خابَ وخَسِر، وإن انتَقَص مِن فريضةٍ شيئاً قال الرَّبُّ تبارك وتعالى: انظروا هل لعبدي مِن تطَوُّع؟ فيُكمَّلُ بها ما انتَقَص من الفريضةِ، ثم يكونُ سائرُ عملِه على ذلك). [أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وهو حسن بشواهده وطرقه].

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى