Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الخطب المكتوبةالمقالاترقائق

١٠ أسباب لتكون مجاب الدعاء.. تعلم كيف تدعو الله وكيف يستجاب لك

كثيرون هم الذين يدعون ربهم، لكن قليلون هم الذين يأخذون بأسباب الإجابة، وليس كل من دعا يقبل دعاؤه، إن هذا ليس من العدل، وربنا سبحانه جواد كريم، لكن أبى عدل ربِّنا جل شأنه أن يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون، تنزه ربنا أن يجعل من أطاعه وامتثل أوامره كمن عصاه واقترف محارمه.

كتب لي يقول: لماذا لا يستجيبُ الله الدعاءَ رغم مرور سنواتٍ؟

فقلت له: لأحدِ أربعةِ أسبابٍ، وهي:

١- أنك لا تستحقُّ أن يُجيبَ الله دعاءَك، لأنك لم تأخذ بأسبابِ الإجابة.

٢- سوف يستجِيبُ الله لك، لكن لكلِّ شيءٍ أجلٌ، وما عليك إلا أن تثبتَ على دعائِك، وسوف يستجيبُ الله لك.

٣- لقد صرف الله عنك بلاءً كان سيُصيبُك بفضلِ دعواتِك.

٤- يدخِرُ الله لك بهذه الدعواتِ حسناتٍ عظيمةً تجدُها في صحيفتِك يومَ القيامةِ.

وتوجد عشرة أمورٍ لو عملتها فسوف تكون مُجابَ الدعوة بفضل الله تعالى.

وها هي أسوقها إليك أيها القارئ الكريم، خذها مني وأنا لك ناصحٌ أمينٌ، لن أغشك، ولن أكذبَك، لم أبتكِرها من وحي خيالي، بل هي مُستقاةٌ من كلامِ ربنا الجليلِ وكلامِ رسولِه الأمينِ، ومعها مواقفُ من حياةِ الصالحين.

١- الإلحاح والصبر وعدم الاستعجال:

أكثر الناس يدعو أيامًا، ثم يأخذُه المللُ فينقطعُ عن الدعاءِ، وهذا من الخذلان وعدمِ التوفيق؛ لأنك إذا ثبتَّ على الدعاءِ بعزيمة لا تعرف اليأس؛ فإن الله مجيبٌ دعاءَك، ولو بعد حين.

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ أنه قال: (لا يزالُ يُستجابُ للعبدِ، ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحمٍ، ما لم يستعجِل).
قيل: يا رسول الله! ما الاستعجالُ؟
قال: يقول: (قد دعوتُ وقد دعوتُ، فلم أرَ يستجيبُ لي، فيستحسِرُ عند ذلك ويدَعُ الدعاءَ) [أخرجه البخاري ومسلم].

وقال ﷺ: (واللهِ لا يملُّ اللهُ حتى تَملُّوا) [أخرجه البخاري، ومسلم].

ومعناه عند أهل العلم: إن الله لا يملُّ من الثوابِ والعطاءِ على العملِ حتى تملُّوا أنتم العملَ وتقطعوه، فينقطِعُ عنكم ثوابُه، ولا يسأمُ من أفضالِه عليكم إلا بسآمتِكم عن العملِ.

قال أهل العلم: ما دام العبدُ يُلحُّ في الدعاءِ، ويطمعُ في الإجابةِ من غير قطعِ الرجاءِ، فهو قريبٌ من الإجابةِ، ومن أدمَن قرعَ البابِ يوشك أن يُفتَحَ له.
ويُروَى: (إن الله عز وجل يُحب المُلحِّين) [أخرجه القضاعي في مسند الشهاب، عن النبي ﷺ، ولا يصح، في سنده راو كذاب].

وعن ابن عباس قال: قال النبيُّ ﷺ وهو في قُبَّة: (اللهم إني أنشُدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئتَ لم تُعبَدْ بعد اليومِ)، فأخذ أبو بكرٍ بيدِه، فقال: حسبُك يا رسولَ الله! فقد ألححْتَ على ربِّك، وهو في الدِّرْع- يعني النبي ﷺ، فخرجَ وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ، وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] [أخرجه البخاري].

٢- التضرُّع والانكسار:

الانكسار والتذلُّلُ بين يدي الله، وإظهارُ الضعفِ والافتقارِ لله تعالى؛ من أقوى أسبابِ الإجابةِ. قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55].

وقال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء: 90].
وانظر إلى تضرع يوسف عليه السلام، وانكساره بين يدي ربه: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33].
وقال زكريا عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4].

فإذا دعوت فليَرَ الله منك تضرعًا وانكسارًا، تذلَّلْ بين يدي ربِّك، وألقِ حولَك وقوتَك، واستمدَّ العون من ربِّك، دعك من الخلقِ واعتمدْ على الخالق، أظهر فقرك وتذلُّلَك، ردِّد بقلبِك: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]، اللهم بك أجول، وبك أصول، ولا حول ولا قوة إلا بك.

٣- الصدق والإخلاص:

إذا دعوتَ فاصدُق في دعائك، وأخلِص لربِّك، فإنك إن صدقتَ الله في دعائك صدق الله معك فاستجابَ لك دعواتِك، وحقَّق لك ما تتمنى.
قال الله تعالى: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 14].

بل إن الكافرَ إذا دعا ربَّه وأخلصَ في دعائِه، وصدقَ في تذلُّـلِه لله؛ استجابَ الله سبحانه دعاءَه، مع علمِه جلَّ شأنُه أنه سيعودُ لكفرِه مرةً أخرى. قال الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65].
وقال سبحانه: {وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: 32].

وقال جل شأنه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [يونس: 22-23].

عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يومُ فتحِ مكة أمَّن رسولُ الله ﷺ الناسَ، إلا أربعةَ نفرٍ وامرأتين وقال: (اقتلوهم، وإن وجدتُموهم متعلِّقين بأستارِ الكعبةِ، عكرمةُ بن أبي جهل وعبد الله بن خطَل ومَقِيس بن صُبَابة وعبد الله بن سعد بن أبي السَّرْح).

قال: فأما عبد الله بن خطَل فأُدرِك وهو مُتعلِّق بأستارِ الكعبة، فاستبقَ إليه سعيد بن حُرَيث وعمارُ بن ياسر فسبقَ سعيدٌ عمارًا، وكان أشبَّ الرجلين، فقتله. وأما مَقِيس بن صُبَابة فأدركه الناسُ في السوق فقتلوه.

وأما عكرمةُ فركِب البحرَ، فأصابتهم عاصفٌ، فقال أصحابُ السفينةِ: أخلِصوا، فإن آلهتَكم لا تُغنِي عنكم شيئًا ها هنا. فقال عكرمة: والله لئن لم يُنجِّني من البحرِ إلا الإخلاصُ، لا يُنجيِّني في البرِّ غيرُه، اللهم إنّ لك عليَّ عهدًا، إنْ أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتيَ محمدًا r حتى أضعَ يدِي في يدِه، فلأجدنّه عفوًّا كريمًا، فجاء فأسلم.. [أخرجه النسائي بسنده حسن].

٤- الخشوع وحضور القلب:

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: (ادعوا الله تعالى وأنتم موقِنون بالإجابةِ، واعلموا أن الله لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ) [أخرجه الترمذي، ومداره على صالح المُرِّيّ، وهو متفق على ضعفه].

إن حضور القلبِ من أقوى بواعثِ إجابةِ الدعاءٍ، أما الذي يدعو وهو شاردُ الذهنِ، مشغولُ البال، لا يخشَعُ في دعائِه، ولا يبتهِلُ لربِّه؛ فهذا أبعدُ الناس عن إجابة الدعاء.

٥- عمل الصالحات:

قال الله تعالى: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 89-90].

وقال سبحانه: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127-128].

وفي قصة جُريج العابد: فلما ولدتْ قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزَلوه وهدموا صومعتَه وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيتَ بهذه البَغي، فولدَت منك.
فقال: أين الصبيُّ؟
فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أُصلِّيَ، فصلَّى.
فلما انصرفَ أتى الصبي فطعنَ في بطنِه، وقال: يا غلامُ من أبوك؟
قال: فلان الراعي.
قال: فأقبلوا على جريج يُقبِّلونه ويتمسَّحون به.. [أخرجه مسلم].

وعن علي رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعتُ من رسولِ الله ﷺ حديثًا نفعني الله بما شاء أن ينفعَني منه، وإذا حدثني غيرُه استحلفتُه، فإذا حلَف لي صدَّقتُه، وحدثني أبو بكر – وصدَق أبو بكر، قال: قال رسول الله ﷺ: (ما من عبدٍ مؤمنٍ يُذنِبُ ذنبًا فيتوضأُ فيُحسِنُ الطهورَ، ثم يُصلِّي ركعتين فيستغفِرُ الله، إلا غفرَ الله له ” ثم تلا: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 135] [أخرجه أحمد وأبو داود  والترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه بإسناد حسن].

فقبل دعائِك اعمل عملًا صالحًا، ثم ادعُ، فهذا أحرى بالإجابةِ؛ ولهذا كان من شَرطِ دعاءِ الاستخارةِ صلاةُ ركعتين قبله، وكان من أرجَى أوقاتِ الإجابةِ دبُرُ الصلواتِ المكتوبة، وكان النبي ﷺ يقولُ لمعاذ: (يا معاذ! إني لأحبُّك، أوصيك يا معاذُ لا تدعَنَّ في دبُرِ كلِّ صلاة أن تقولَ: اللهم أعنِّي على ذكرِك، وشُكرِك، وحُسنِ عبادتِك) [حديث صحيح أخرجه أبو داود وأحمد].

٦- طِيب المطعم والملبس:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (أيها الناسُ! إن الله طيِّبٌ لا يَقبلُ إلا طيِّبًا، وإن الله أمرَ المؤمنين بما أمرَ به المرسلين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون: 51].
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 172].
ثم ذكرَ الرجلَ يُطِيلُ السفرَ أشعَثَ أغبرَ، يمدُّ يديه إلى السماءِ، يا رب! يا رب! ومطعَمُه حرامٌ، ومَشرَبُه حرامٌ، ومَلبَسُه حرامٌ، وغُذِّي بالحرامِ، فأنَّى يُستجَابُ لذلك؟ [أخرجه مسلم].

لقد تركَ بلده، وخرج في طريقٍ طويلٍ شاقٍّ، قد اغبرَّ وجهُه، وشعِثَ رأسُه، وتعِبَ في سفرِه، قد جاء يحدُوه الشوقُ إلى حجِّ بيتِ الله الحرامِ، وظلَّ يُنادِي ربَّه: يارب! يارب! يدعوه في أفضلِ الأيام، وأطهرِ البقاعِ، لكنه أكلَ من حرامٍ، ولبِسَ من حرامٍ، فكيف يستجيبُ الله دعاءَه؟ فما أشقاه من عبدٍ، وما أبأسَه من إنسانٍ.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تُلِيَت هذه الآيةُ عند رسولِ الله ﷺ : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: 168]، فقامَ سعدُ بن أبي وقاص، فقال: يا رسول الله! ادعُ الله أن يجعلَني مُستجابَ الدعوة، فقال له النبي ﷺ: (يا سعدُ أطبْ مطعمَك تكُن مُستجابَ الدعوةِ، والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، إن العبد ليقذِفُ اللقمةَ الحرامَ في جوفِه ما يُتقبَّلُ منه عملﹲ أربعين يومًا، وأيُّما عبدٍ نبتَ لحمُه من السُّحتِ والربا فالنارُ أولى به) [أخرجه الطبراني في الأوسط وفيه الحسن بن عبد الرحمن الاحتياطي ضعيف، بل متهم. وقوله: (أيما عبد نبتَ لحمُه من السُّحتِ والربا فالنارُ أولى به) له شواهد يصح بها].

فأطِب مطعمَك، وابتعد عن الحرامِ، فإن المالَ الحرامَ حجابٌ بين دعائِك وبين السماءِ، تدعو ربَّك وتبتهِلُ إليه، فيأتي المالُ الحرامُ يردُّ دعاءَك، ويقطَعُ رجاءَك، فانتبه يرحمُك الله.

٧- التوبة والاستغفار:

إنَّ الاعترافَ بالذنبِ والاستغفارَ والتوبةَ بين يدَي الدعاءِ من أقوى أسبابِ الإجابة، فقد قال موسى عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [القصص: 16].

وقال النبي ﷺ لأبي بكر: (قُل: اللهم إني ظلمتُ نفسِي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفِرُ الذنبَ إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ) [أخرجه البخاري ومسلم].

ذكر ابن قدامة رحمه الله في التوابين: أن بني إسرائيل لحِقَهم قَحطٌ على عهد موسى عليه السلام، فاجتمعَ الناسُ إليه، فقالوا: يا كليمَ الله! ادعُ لنا ربك أن يسقِيَنا الغيثَ. فقام معهم وخرجوا إلى الصحراءِ وهم سبعون ألفًا أو يزيدون، فقال موسى عليه السلام: إلهي اسقِنا غيثَك وانشُر علينا رحمتَك، وارحمنا بالأطفالِ الرُّضَّع، والبهائمِ الرُّتَّعِ، والمشايخ الرُّكَّع، فما زادَتِ السماءُ إلا تقشُّعًا، والشمسُ إلا حرارةً.
فقال موسى: إلهي اسقِنا.
فقال الله: كيف أسقِيكم وفيكم عبدٌ يُبارزُني بالمعاصي منذ أربعين سنةً؟فنادِ في الناسِ حتى يخرجَ من بين أظهُرِكم فبه منعتُكم.
فصاحَ موسى في قومِه: يا أيها العبدُ العاصي الذي يبارِزُ الله منذ أربعين سنةً، اخرُج من بين أظهُرِنا فبك مُنِعنا المطرَ.

فنظرَ العبدُ العاصي ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمالِ، فلم يرَ أحدًا خرجَ فعلِم أنه المطلوبُ، فقال في نفسِه: إنْ أنا خرجتُ من بين هذا الخلقِ افتضَحت على رؤوسِ بني إسرائيلَ وإن قعدْتُ معهم مُنِعوا لأجلِي.
فانكسرَت نفسُه، ودمَعَت عينُه، فأدخلَ رأسَه في ثيابِه نادمًا على فِعالِه، وقال: إلهي وسيدي عصيتُك أربعين سنة وأمهلتَني، وقد أتيتُك طائعًا فاقبلنِي، وأخذ يبتَهِلُ إلى خالقِه، فلم يستتمَّ الكلامَ حتى ارتفعَتْ سَحابةٌ بيضاءُ، فأمطَرَت كأفواه القِرَبِ.

فالإصرارُ على المعاصي وعدمُ التوبة منها سببٌ قويٌّ يمنعُ إجابةَ دعائِك، فتخلَّص من ذنوبِك، وداوم على التوبةِ، ولا تُصِرَّ على معصيةٌ، بل كلما أذنبتَ استغفِر، وكلما عصيتَ تُب.

٨- عدم الدعاء بإثمٍ أو قطيعة رحمٍ:

عن أبي سعيد رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: (ما من مسلمٍ يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ، ولا قطيعةُ رحمٍ، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أن تُعجَّلَ له دعوتُه، وإما أن يدخِرَها له في الآخرةِ، وإما أن يصرِفَ عنه من السوءِ مثلَها ).
قالوا: إذا نُكثِرُ.
قال: (الله أكثرُ) [أحرجه أحمد بسند حسن].

٩- حمْدُ الله وتمجيدُه والثناء عليه بين يدي الدعاء:

عن فَضَالة بن عُبَيد رضي الله عنه قال: سمِع رسولُ الله ﷺ رجلًا يدعو في صلاتِه لم يُمَجُّدِ الله تعالى، ولم يُصلِّ على النبي ﷺ، فقال رسولُ الله: (عجَّل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيرِه: إذا صلَّى أحدُكم، فليَبدَأْ بتمجيدِ ربِّه جلَّ وعزَّ، والثناءِ عليه، ثم يُصلِّي على النبيِّ ﷺ، ثم يدعو بعدُ بما شاءَ) [أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي بسند حسن].

وفي رواية النسائي: وسمِع رسولُ الله ﷺ رجلًا يُصلِّي، فمجَّد الله وحمِدَه، وصلَّى على النبيِّ ﷺ، فقال رسولُ الله ﷺ: (ادعُ تُجَب، وسَلْ تُعطَ).

١٠- التوسُّل لله تعالى عند الدعاء:

والتوسُّلُ أنواعٌ:

أولا: التوسُّلُ بأسماءِ الله الحسنى:
قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180].

ويُستَحب اختيارُ اسمٍ من أسماءِ الله موافقٌ للمسألة التي نريدُها ونسألُها، ومن هذا: قولُ موسى عليه السلام: {أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡغَٰفِرِينَ} [الأعراف: 155].
وقولُ عيسى عليه السلام: {وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة: 114].
وقولُ سليمان عليه السلام: {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35].

وقولُ النبيِّ ﷺ: (واشْفِ أنتَ الشَّافي) [أخرجه البخاري ومسلم].

ثانيا: التوسُّلُ إلى الله بفضلِه وسابقِ إحسانِه:
ومن هذا: قولُ يوسف عليه السلام: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101].
وقولُ زكريا عليه السلام: {رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4].
وقولُ الصالحين: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8].

ثالثا: التوسُّلُ بصالحِ الأعمالِ:
ومن هذا قول الصالحين: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 53]. وقولُهم: {رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193]. وقولُ أصحابِ الغارِ الثلاثة: “إنه لا يُنَجِّيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تدعُوَا الله بصالحِ أعمالِكم” [أخرجه البخاري ومسلم]

١١- تحرِّي أوقاتِ الإجابةِ:

فهناك أوقاتٌ تكونُ الإجابةُ فيها أرجى من غيرِها، فينغي للمسلمِ أن يحرِصَ عليها، ويجتهدَ في الدعاءِ فيها، ومن أوقات الإجابة:

أولًا: الدعاءُ في الثلثِ الآخرِ من الليل:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: (ينزِلُ ربنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حين يبقَى ثلثُ الليلِ الآخر، فيقولُ: من يدعوني فأستجيبَ له، ومن يسألُني فأعطيَه، ومن يستغفِرُني فأغفرَ له) [أخرجه البخاري ومسلم].

وفي رواية: عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما، أنهما شهِدا على النبي ﷺ أنه قال: (إن الله عز وجل يُمهِلُ حتى يذهبَ ثلثُ الليلِ، ثم ينزِلُ فيقولُ: هل من سائلٍ؟ هل من تائبٍ؟ هل من مستغفرٍ؟ هل من مذنبٍ؟).
قال: فقال له رجلﹲ: حتى يطلُعَ الفجرُ؟
قال: نعم.

وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: (إن من الليلِ ساعةً، لا يُوافِقُها عبدٌ مسلمٌ، يسألُ الله خيرًا، إلا أعطَاه إياه) [أخرجه مسلم].

ثانيًا: الدعاءُ عند الاستيقاظِ من الليلِ:
عن عُبَادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (من تعارَّ من الليلِ، فقال: لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفِرْ لي، أو دعا، استُجِيبَ له، فإن توضَّأَ وصلَّى قُبِلت صلاتُه) [أخرجه البخاري].

ثالثًا: الدعاء في السجودِ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: (أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدعاءَ) [أخرجه مسلم].

رابعًا: الدعاء بين الأذان والإقامة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يُرَدُّ الدعاءُ بين الأذانِ والإقامةِ) [حديث صحيح أخرجه أبو داود والترمذي].

خامسًا: الدعاء دُبَر الصلوات المكتوبة:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قيل يا رسولَ الله! أيُّ الدعاءِ أسمَعُ؟
قال: (جَوفُ الليلِ الآخرِ، ودُبَرُ الصلواتِ المكتوباتِ) [أخرجه الترمذي والنسائي في الكبرى بسند حسن].

وقد اختلفوا في معنى: (دُبَرُ الصلواتِ)، هل هو آخرُ الصلاةِ قبلَ السلامِ، أو بعدَه؟

سادسًا: الدعاء في ساعة الجمعة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ، أنه قال: (إنَّ في الجمعةِ لساعةٌ، لا يُوافِقُها مسلمٌ، يسألُ الله فيها خيرًا، إلا أعطَاه إيَّاه) [أخرجه البخاري ومسلم].

سابعًا: الدعاء عند نُزول المطر:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: (ثنتانِ لا تُرَدَّان أو قلَّما تُرَدَّان: الدعاءُ عند النداءِ، وعند البأسِ حين يُلحِمُ بعضُه بعضًا).
وفي رواية لأبي داود: (وتحتَ المطرِ) [مختلف في رفعه ووقفه: أخرجه أبو داود وابن حبان].

ثامنًا وتاسعًا: الدعاء عند الصيامِ وعند السفر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (ثلاثةٌ لا يُرَدُّ دعاؤهم: الإمامُ العادلُ، والصائمُ حتى يُفطِرَ، ودعوةُ المظلومِ).

وفي روايةٍ: (ثلاثُ دعواتٍ يُستجَابُ لهن، لا شكَّ فيهن: دعوةُ المظلومِ، ودعوةُ المسافرِ، ودعوةُ الوالدِ لولدِه) [أخرجه أحمد وهو حسن بطرقه].

استمع للخطبة على موقع ساوند كلاود:

أقوى ١٠ أسباب لإجابة الدعاء ❤️🤍

تحميل الخطبة PDF:

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. سلام عليكم أخي عندي سؤال وهو نسيت قراءة سورة الفاتحة في صلاة الوتر ❓ مادا افعل هل اعيد الصلاة

زر الذهاب إلى الأعلى