Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الفقهيات

أخذ المرأة من الحواجب (النمص) تزينًا للزوج وبإذنه حلال أو حرام؟

كان من دعاء النبي ﷺ: (اهدِني لما اختُلِف فيه من الحقِّ بإذنِك، إنك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيم). [أخرجه مسلم، عن عائشة].
فأسأل الله أن يهديَني وإيَّاك لما اختُلف فيه من الحقِّ بإذنِه، فإن هذه المسألةَ التي بين أيدينا كثُرَ فيها اللَّغط، واختلفت فيها الأقوالُ، وزلَّت فيها أقدامٌ.

وتذكر دائمًا أن الحقَّ لا يُعرَف بالرِّجالِ، ولا بكثرةِ الأتباعِ، وإنما يُعرَفُ الحقُّ بموافقتِه لكتابِ الله تعالى وسنَّة النبيِّ ﷺ.

وقد أمرنا ربُّنا سبحانه عند الاختلافِ أن نرجعَ إلى كتابِه العظيمِ وسنَّةِ نبيِّه ﷺ، قال ربُّنا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

وبما أن العلماءَ قد اختلفوا في هذه المسألةِ فتعالَ بنا نرجعُ إلى كتاب الله تعالى وسنَّة النبيِّ ﷺ.

وقد ورد في المسألة نصٌّ واضحٌ صريحٌ، وهو ما أخرجه الشيخان، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لعن اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ, والمتنمِّصاتِ, والمتفلِّجاتِ للحُسْنِ المُغيِّراتِ خلقَ الله تعالى)، مالي لا ألعنُ مَن لعن النبيُّ ﷺ، وهو في كتابِ الله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7].
وفي روايةٍ: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد يُقَال لها أمُّ يعقوب, فجاءت فقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنتَ كَيْت وكَيْت.
فقال: وما لي ألعنُ مَن لعنَ رسولُ الله ﷺ، ومَن هو في كتابِ الله؟
فقالت: لقد قرأتُ ما بين اللَّوْحين، فما وجدْتُ فيه ما تقولُ!
قال: لئن كنت قرأتِيه لقد وجدْتِيه، أما قرأتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]؟
قالت: بلى.
قال: فإنه قد نَهى عنه.
قالت: فإني أرى أهلَك يفعلونه.
قال: فاذهبي فانظري.
فذهبت فنظرَت، فلم ترَ من حاجتِها شيئًا.
فقال: لو كانت كذلك ما جامعتُها. [أخرجه البخاري ومسلم].

وعن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: (لُعِنَتِ الواصلةُ، والمستوصلةُ، والنَّامصةُ، والمتنمِّصةُ، والواشمةُ، والمستوشمةُ، من غير داءٍ) [أخرجه أحمد وأبو داود بسند حسن. والنَّامصة: التي تزيل الشَّعر من الوجه, والمتنمصة: التي تطلبُ فِعْلَ ذلك بها].
فهذا نصٌّ واضحٌ صريحٌ على تحريمِ النَّمصِ بإطلاقٍ.

وقال بعضُ العلماء: يجوز النَّمصُ للمرأةِ المتزوجة.

وقد أخطأ بعضُ المعاصرين في نسبتِه هذا القولَ لجمهورِ العلماء، وإنما هو قولٌ لبعضِ الأحناف، وبعضِ الشافعيَّة، وبعضِ الحنابلة.

وحجَّة من أباح النمص للمتزوجة – فيما وقفت عليه – في الآتي:
١- أن التحريمَ إذا ما فعلتْه لأجل التزيُّنِ للأجانب. وجوابُه: أن هذا لا يختلف فيه حرمتِه أحدٌ.
٢- أن الزوجةَ مأمورةٌ بالتزيُّنِ لزوجِها. وجوابُه: أنها مأمورةٌ بالتزيُّنِ بما أحلَّه الله.
٣- أن علَّة التحريمِ التدليس، فأما إذا لم يكن هناك تدليسٌ فيجوز. وجوابه: أن العلةَ ما في النَّمص من تغييرِ خلقِ الله عز وجل.
٤- أثر عن عائشة، وقد ورد بألفاظٍ مختلفةٍ؛ منها: أنها سُئلت: إن في وجهي شعراتٍ أفأنتفهن أتزيَّن بذلك لزوجي؟ فقالت عائشة: أميطِي عنك الأذى، وتصنَّعي لزوجِك كما تصَنَّعين للزيارةِ. وهذا الأثر ضعيفٌ من كل طرقِه، ولا يصحُّ، ولو صح فلا يٌعارَض به كلامُ النبيِّ ﷺ.

قلت: الصحيح عندي أن النَّمصَ حرامٌ على المرأةِ المتزوجة وغيرِ المتزوجة، وحرامٌ على الرجلِ من باب أولى، ولم أقفْ على دليلٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم يبيحُ نمصَ المرأةِ لأجلِ زوجِها، وهذا قولُ جمهورِ أهلِ العلم، قال به: الأحنافُ، والمالكيَّة، والشافعيَّة، والحنابلةُ، والظاهريةُ.

قلت: والنَّمص في لغةِ العرب نتفُ الشَّعر, ودقَّتُه ورقَّتُه، وأكثرُ اللُّغوين يطلق النَّمصَ على نتفِ شعر الوجه، وبعضُهم يقيِّده بشعرِ الحاجبين، وكذلك الفقهاء؛ فمنهم من أطلق النَّمص على نتف شعرِ الوجه، ومنهم من قيَّده بشعرِ الحاجبين، والقلبُ أميَل إلى أنه مقيَّد بشعرِ الحاجبين، والله أعلم.

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى