Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الدروس العلميةالعقائدالمقالات

أقوى ٣ ردود على الملاحدة.. وهل كان المشركون زمان النبي ﷺ يؤمنون بالله ربًّا؟ أصول الإيمان ح٢

الآيات الدالة على ربوبية الله

هناك آيات كثيرة تدل على ربوبية الله تعالى، وأنه خالق هذه الكون وحدَه سبحانه، المالك المتصرف في جميع الكائنات جل شأنه، فهو الذي ينفع ويضر، وهو الذي خلق وأبدع، وبيده أمر كل شيء سبحانه وتعالى.

وأقف عن ثلاثة منها، وهي:

١- خلق الإنسان:

النفس البشرية آية من آيات الله العظيمة الدالة على تفرده وحده بالربوبية لا شريك له، قال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20، 21].

وقال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} [الطور: 35].

وقال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].

٢- خلق السماوات والأرض وما فيهما:

فخلق السماوات والأرض وما فيهما من أعظم الآيات الدالة على ربوبية الله سبحانه وتعالى، ومن نظر في كتاب الله وجد آيات كثيرة في هذا المعنى، فمنها:  

قال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190].

وقال سبحانه: {أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 36].

وقال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد: 2].

وقال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} [فصلت: 53].

وقد استدل إبراهيم عليه السلام على النمرود بهذه الآية على ربوبية الله تعالى، قال ربنا: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 258].

وكذلك فعل موسى عليه السلام مع فرعون، قال ربنا: {قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [الشعراء: 23 – 28].

سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟
فقال: الأثر يدل على المسير، والبَعْرَة تدل على البعير، فسماء ذات أبراجٍ وأرضٌ ذات فجاج وبحارٌ ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟

فمن تأمل الآفاق وما في هذا الكون من سماء وما فيها من نجوم وكواكب، وشمس وقمر، والأرض وما فيها من جبال وأشجار، وبحار وأنهار، وما يكتنف ذلك من ليل ونهار، وتسيير الكون بهذا النظام الدقيق؛ دله ذلك على أن هناك خالقا لهذا الكون، موجدا له مدبرا لشؤونه.

وروي أن قوما أرادوا البحث مع الإمام أبي حنيفة في تقرير توحيد الربوبية، فقال لهم رحمه الله: أخبروني قبل أن نتكلم في هذه المسألة عن سفينة في دجلة تذهب فتمتلئ من الطعام وغيره بنفسها وتعود بنفسها، فترسو بنفسها وترجع، كل ذلك من غير أن يديرها أحد؟
فقالوا: هذا محال لا يمكن أبدا.
فقال لهم: إذا كان هذا محالا في سفينة فكيف في هذا العالم كله علوه وسفله؟

٣- لجوء الإنسان في المحن إلى الله:

فإن الإنسان عند المحن والشدائد يلجأ إلى الله تعالى، فيتضرع إليه صادقًا مخلصًا، فيجيبه الله سبحانه، وهذا من دلائل ربوبيته سبحانه.

قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: 12].

وقال جل شأنه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ} [يونس: 22، 23].

وقال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65].

الإقرار بتوحيد الربوبية وحده لا ينجي من العذاب:

توحيد الربوبية هو أحد أنواع التوحيد الثلاثة كما تقدم؛ فلا يصح إيمان أحد ولا يتحقق توحيده إلا إذا وحد الله في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.

قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106].
قال العلماء: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء، ومن خلق الأرض ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، فذلك إيمانهم بالله، وهم يشركون ويعبدون غيره.

وقد جاءت كثيرة تفيد إقرار المشركين بربوبية الله مع إشراكهم به في العبادة، ومن ذلك:

قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61].

وقال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87].

وقال تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [المؤمنون: 84 – 89].

فلم يكن المشركون يعتقدون أن الأصنام هي التي تنزل الغيث وترزق العالم وتدبر شؤونه، بل كانوا يعتقدون أن ذلك من خصائص الرب سبحانه، ويقرون أن أوثانهم التي يدعون من دون الله مخلوقة لا تملك لأنفسها ولا لعابديها ضرا ولا نفعا استقلالا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا تسمع ولا تبصر، غير أنهم جعلوا له من خلقه شركاء ووسائط، يشفعون لهم بزعمهم عند الله، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، أي ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمر الدنيا.

ومع هذا الإقرار العام من المشركين لله بالربوبية إلا أنه لم يدخلهم في الإسلام بل حكم الله فيهم بأنهم مشركون كافرون وتوعدهم بالنار والخلود فيها واستباح رسوله صلى الله عليه وسلم دماءهم وأموالهم لكونهم لم يحققوا لازم توحيد الربوبية وهو توحيد العبادة.

بعض الانحرافات في توحيد الربوبية:

مع أن توحيد الربوبية أمر مركوز في الفطر، إلا أنه وجد في الناس من حصل عنده انحراف فيه، ومن ذلك:

١- جحد ربوبية الله أصلا وإنكار وجوده سبحانه، كما يعتقد ذلك الملاحدة الذين يسندون إيجاد هذه المخلوقات إلى الطبيعة، أو إلى تقلب الليل والنهار، أو نحو ذلك، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24].

٢- جحد بعض خصائص الرب سبحانه وإنكار بعض معاني ربوبيته، كمن ينفي قدرة الله على إماتته أو إحيائه بعد موته، أو جلب النفع له أو دفع الضر عنه، أو نحو ذلك.

٣- إعطاء شيء من خصائص الربوبية لغير الله سبحانه، فمن اعتقد وجود متصرف مع الله عز وجل في أي شيء من تدبير الكون من إيجاد أو إعدام أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفع شر أو غير ذلك من معاني الربوبية فهو مشرك بالله العظيم.

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى