Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
العقائد

الكبائر الشائعة ١- الشرك بالله

الإشراك بالله تعالى كبيرةٌ مِن أعظم الكبائر؛ ومن الأدلة على ذلك:

١- نصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أن الإشراكَ بالله أكبرُ الكبائر:

عن أبي بكرةَ رضي الله عنه، قال: قال النبي ﷺ: (ألا أنبِّئكم بأكبرِ الكبائر؟) ثلاثًا.
قالوا: بلى يا رسول الله!
قال: (الإشراكُ بالله، وعقوق الوالدين).
وجلَس وكان متكئًا فقال: (ألا وقولُ الزور). [أخرجه البخاري، ومسلم].

وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه، قال: ذكَر رسولُ الله ﷺ الكبائرَ – أو سُئل عن الكبائر – فقال: (الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين).
وقال: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟).
قال: (قول الزور – أو قال: شهادة الزور -).
قال شعبة: وأكبر ظنِّي أنه شهادة الزور. [أخرجه البخاري، ومسلم].

وعن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ، فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟
قال: (الإشراك بالله).
قال: ثم ماذا؟
قال: (ثم عقوق الوالدين).
قال: ثم ماذا؟
قال: (اليَمين الغَموس).
قلت: وما اليمين الغَموس؟
قال: (الذي يقتطع مالَ امرئٍ مسلمٍ، هو فيها كاذبٌ). [أخرجه البخاري].

وفي لفظٍ عند البخاري: عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: (الكبائر: الإشراكُ بالله، وعقوق الوالدَين، وقتل النفس، واليمين الغَموس).

وعن أبي أيوب رضي الله عنه، أن رسولَ الله ﷺ قال: (مَن جاء يعبُد الله لا يشرك به شيئًا، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر – فإن له الجنةَ).
وسألوه: ما الكبائر؟
قال: (الإشراك بالله، وقتل النفسِ المسلمة، وفرارٌ يومَ الزحف). [أخرجه أحمد، والنسائي، وهو حديث حسن بطرقه].

وقال طيسلة بن مياسٍ رحمه الله: كنتُ مع النَّجداتِ، فأصبت ذنوبًا لا أراها إلا مِن الكبائر، فذكرتُ ذلك لابن عمر، قال: ما هي؟
قلت: كذا وكذا.
قال: ليست هذه من الكبائر.
قلت: وأصبتُ كذا وكذا.
قال: ليس من الكبائر، هن تسعٌ، وسأعُدُّهن عليك: الإشراك بالله، وقتل نَسَمةٍ، والفرار من الزحف، وقذف المحصَنة، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وإلحادٌ في المسجد، والذي يستسخر، وبكاء الوالدين مِن العقوق.

قال طيسلة: لما رأى ابنُ عمر فَرَقي قال لي: أتفرَقُ النار، وتحبُّ أن تدخل الجنة؟
قلت: إي والله.
قال: أحيٌّ والدُك؟
قلت: عندي أمي.
قال: فوالله لو ألَنْتَ لها الكلام، وأطعمتَها الطعامَ، لتدخُلَنَّ الجنةَ، ما اجتنبتَ الكبائر. [أخرجه البخاري في “الأدب المفرد” بإسناد حسن، وطيسلة بن علي، ويقال: ابن مياس، وثقه يحيى، وذكره ابن حبان في “الثقات”، وروى عنه غير واحد، وأخرجه البيهقي في “السنن” مرفوعًا، وفيه أيوبُ بن عتبة ضعيفٌ].

وعن عُبيد بن عميرٍ رحمه الله قال: الكبائر سبعٌ، ليس منهن كبيرةٌ إلا وفيها آيةٌ مِن كتاب الله؛ الإشراك بالله منهنَّ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَا} [الحج: 31]، و{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا} [النساء: 10]، و{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [البقرة: 275]، و{الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النور: 23]، والفرار مِن الزحف: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الأنفال: 15]، والتعرُّب بعد الهجرة: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى} [محمد: 25]، وقتل النفس” [: أخرجه أبو عبيد في الأموال بسند ].

٢- نصَّ النبيُّ ﷺ على أن الإشراك بالله مِن أعظمِ الذنوب:

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: سألتُ النبي ﷺ: أيُّ الذنب أعظم عند الله؟
قال: (أن تجعَلَ لله ندًّا وهو خلَقك).
قلت: إن ذلك لعظيمٌ.
قلت: ثم أيُّ؟
قال: (وأن تقتُلَ ولدَك تخاف أن يطعَمَ معك).
قلت: ثم أي؟.
قال: (أن تُزانِيَ حليلةَ جارك). [أخرجه البخاري، ومسلم].

وفي روايةٍ للبخاري: قال: ونزلَتْ هذه الآية تصديقًا لقولِ رسول الله ﷺ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68].

٣- نصَّ النبيُّ ﷺ على أن الإشراكَ بالله مِن الموبِقات:

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجتنبوا السبعَ الموبِقاتِ).
قيل: يا رسول الله، وما هن؟
قال: (الشركُ بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذفُ المحصَنات الغافلات المؤمنات). [أخرجه البخاري، ومسلم].

٤- مَن أشرَك بالله عز وجل، فقد توعَّده الله بالعذاب الأليم، والخلود في نار الجحيم:

قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72].

وقال جل شأنه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 – 70].

٥- اللهُ عز وجل قد يغفِر للعبد أيَّ ذنبٍ إلا الشِّركَ:

قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48].

٦- سمى اللهُ الشِّركَ ظلمًا عظيمًا:

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13].

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لما نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]، شقَّ ذلك على المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، أيُّنا لا يظلم نفسه؟ قال: (ليس ذلك؛ إنما هو الشركُ، ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنِه وهو يعظه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]؟). [أخرجه البخاري].

والشركُ شركانِ: أكبر، وأصغر.

والشرك الأكبر هو: صرفُ شيءٍ من أنواع العبادة لغير الله؛ مِن شجرٍ، وحجرٍ، وشمس، وقمرٍ، وإنسانٍ؛ كدعاء غير الله، والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله، والخوف من الموتى اعتقادًا أنهم يضرُّون وينفعون، ورجاء غير الله فيما لا يقدِر عليه إلا اللهُ، ونحو ذلك. وعند إطلاقنا لكلمة “الشرك” فإنما يراد بها الشركُ الأكبر غالبًا.

ومِن صور الشرك الأكبر:

١- الذبحُ لغير الله:

قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

وقال سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121].

وقال سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3].

وعن أبي الطُّفَيلِ عامر بن واثلةَ رضي الله عنه، قال: كنتُ عند علي بن أبي طالبٍ، فأتاه رجلٌ فقال: ما كان النبيُّ ﷺ يُسرُّ إليك؟! قال: فغضِب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسرُّ إليَّ شيئًا يكتُمُه الناسَ، غيرَ أنه قد حدثني بكلماتٍ أربعٍ.
قال: فقال: ما هن يا أمير المؤمنين؟
قال: قال: (لعَن اللهُ مَن لعن والده، ولعن الله مَن ذبَح لغير الله، ولعن الله مَن آوى محدِثًا، ولعن الله مَن غيَّر منارَ الأرض). [أخرجه مسلم].

وقد عدَّ الذبحَ لغير الله في الكبائر: الذهبيُّ، وابن القيم، وابن نُجَيم، وابن حجر، والسيواسي- رحمهم الله.

٢- النذر لغير الله:

قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163].

وقال الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145].

٣- الاستغاثةُ بغير الله، أو دعاءُ غيرِ الله:

قال الله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} [يونس: 106].

وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18].

وقال سبحانه عن نبيِّه إبراهيمَ عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48].

٤- الاستعاذةُ بغير الله:

قال الله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الجن: 6].

٥- التبرُّكُ بشجرٍ أو حجَرٍ أو ميتٍ:

عن أبي واقدٍ الليثي رضي الله عنه: أن رسولَ الله ﷺ لمَّا خرَج إلى حُنينٍ، مرَّ بشجرةٍ للمشركين يقال لها: ذاتُ أنواطٍ، يعلِّقون عليها أسلحتَهم، فقالوا: يا رسولَ الله، اجعَلْ لنا ذاتَ أنواطٍ كما لهم ذاتُ أنواطٍ، فقال النبي ﷺ: (سبحان الله! هذا كما قال قومُ موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]، والذي نفسي بيده، لتركَبُنَّ سنَّة مَن كان قبلكم). [أخرجه أحمد والترمذي بإسناد صحيح].

ولا يظننَّ ظانٌّ أن الشركَ الأكبر لا يوجد في هذه الأمة في هذه الزمان الذي نعيشه، لا والله، إنه واقعٌ مشاهَدٌ، ولو أنك ذهبتَ عند قبر السيد البدوي في طنطا، أو قبر إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ، أو القبر المنسوب للحسين رضي الله عنه في القاهرة – لرأيتَ مسلمين يدعون غيرَ الله، ويستغيثون بغير الله، ويتبرَّكون بموتى لا يملِكون حولًا ولا قوةً، بل لوجدتَ بعضهم يظن أن هذا الميتَ ينفع ويضرُّ، وما هذا إلا بسبب انتشارِ الجهل، وقلة العلم، نسأل اللهَ أن يُصلِحَ أحوال المسلمين.

سعيد القاضي

محبكم طالب علم، وقارئ قرآن، وباحث ماجستير في الشريعة. مسلم سني، لا أنتمي لأي حزب أو جماعة ❤

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى