Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.

الجامع لكبائر الذنوب

 

 عنوان الكتاب: الجامع لكبائر الذنوب.

 المؤلف: سعيد القاضي.

 سنة النشر: 1440 هـ – 2019 م، الطبعة الثانية.

 دار النشر: مكتبة مكة.

 

✍ مقدمة الكتاب

الحمدُ لله الذي أرسل رسولَه بدينِ الحقِّ المبين، وأرسل رسولَه الأمينَ هدايةً للعالمين، وأمر عبادَه المؤمنين بطاعتِه، وحذرهم مغبَّةَ معصيتِه، وجعل لمن تمسَّك بشريعتِه أعظمَ الثوابِ، وتوعَّدَ من تعدى على حِماه بأشد العقابِ.

وصل اللهم على نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم خيرِ المرسلين، كان أحرصَ الناسِ على طاعةِ ربِّه على الدوام، وأبعدَهم عن ارتكابِ المعاصي والآثامِ، وبعد؛

أسباب تأليف الكتاب:
فيومًا ما وقعت عيني على كتابِ (الكبائر) للإمامِ الحافظِ شمسِ الدين الذهبي رحمه الله، ولما قرأتُ مقدمةَ المحققِ وجدت أن من المحققين من يطعنُ في نِسبةِ النسخةِ المشهورةِ بين الناسِ، ويدَّعي أنها مكذوبةٌ عليه، وأنَّ النسخةَ الصحيحةَ أصغرُ من هذه بكثيرٍ، وأتَوْا على ذلك بدلائلَ، وإن كنت أرى أنَّ فيها نظر.
ثم طالعتُ كتابَ (الزواجر) لأبي العباسِ ابنِ حجر الهيتمي رحمه الله، وهو من أفضلِ ما كُتِب في البابِ, وإن لم يكنْ قد اشتهرَ كشهرةِ كتابِ الذهبي؛ وإذا بابنِ حجرِ رحمه الله يقولُ في مقدمة كتابه: ظفِرتُ بكتابٍ في الكبائرِ منسوبٍ لإمامِ عصرِه وأستاذِ أهلِ دهرِه الحافظِ أبي عبدِ الله الذهبي، فلم يشفِ الأوَامَ، ولا أغنى عن ذلك المرامَ، لما أنه استروَح فيه استرواحًا تُجَلُّ مرتبتُه عن مثلِه، وأوردَ فيه أحاديثَ وحكاياتٍ لم يعْزُ كلا منها إلى محلِّه، مع عدمِ إمعانِ نظرِه في تتبعِ كلامِ الأئمةِ في ذلك, وعدمِ تعويلِه.
ثم وقفتُ على كلامٍ لأحدِ مشايخِ المحققين في زماننا أبي عُبَيدٍ مشهور آل سلمان حفظه الله في تحقيقِه الفريدِ لكتابِ الذهبي؛ فقد قال: ما زال هذا البابُ يحتاجُ إلى جهدٍ متميزٍ في الحصرِ والاستقراءِ، مع حسنِ التبويبِ، والتخريجِ، وأثرِ الذنوبِ على الأممِ والشعوبِ.
فلما جُلْتُ في كتابِ ابنِ حجرٍ إذا به يصِلُ بالكبائرِ إلى أكثرَ من أربعمائةٍ، وإن كان قد ردَّ بعضَ ما ذكرَه منها, لكنه أقرَّ أكثرَها، وإذا به يقعُ في بعضِ ما عابه على الذهبي رحمه الله من ذكرِ الأحاديثِ الضعيفةِ، بل والموضوعةِ في بعضِ الأحيانِ، ثم توسَّع فذكرَ في كتابِه أبوابًا ليست من صلبِ الكتابِ.

أفضل الدراسات السابقة:
وبدأتُ أفتش في مصنفاتِ العلماءِ الأولين؛ باحثًا عمن كتبَ في الكبائرِ، فكان مِن أفضلِ ما كُتِب في ذلك:
١- الكبائر، للإمام محمدِ شمسِ الدين الذهبي.
٢- فصل من كتابِ: إعلام الموقِّعين، لمحمدِ بن أبي بكر المشهور بابن قيِّمِ الجوزيَّة.
٣- منظومة في الكبائرِ، لموسى بن أحمد الحَجَّاوي، وقد شرحها شمس الدين محمد بن أحمد السَّفَاريني، وسمَّى شرحه “الذخائرُ لشرحِ منظومةِ الكبائرِ".
٤- الزواجر عن اقترافِ الكبائرِ، لأحمد بن محمد بن حجرٍ الهَيْتَمِي.
٥- إرشادُ الحائر إلى علم الكبائرِ، ليوسفِ بن عبد الهادي الحنبلي.
٦- الصغائر والكبائر، لزينِ الدِّينِ بن إبراهيم بن محمد المشهور بابنِ نُجَيم المصري، ثم جاء إسماعيل بن سنان السِّيواسي.
٧- الكبائر، لمحمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي، وقد شرحه الشيخ صالح الفوزان, وطُبِع شرحُه.

منْهجِي في الكتابِ:
وبعد النظرِ أجمعتُ العزمَ مستعينًا بالله القوي على وضعِ كتابٍ في هذا البابِ، ليس بالطويلِ الممِلِّ، ولا بالمختصرِ المخِلّ، يُشْبِعُ الرجلَ العاميَّ، ويُرضِي طالبَ العلمِ، أحاول جَهْدي ما استطعتُ أن أجمع فيه ما ذكره أهلُ العلمِ في الكبائرِ، مدعِّمًا ذلك بدليلِه من كتابِ الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مبينًا صحَّةَ الحديثِ من ضَعْفِه.
وإن كان ثَم شيءٌ ذكره بعضُ العلماءِ في الكبائرِ، ولا أعلم عليه دليلًا أو كان الدليلُ عليه ضعيفًا عندي بيَّنتُ ذلك، مظهرًا حجَّتي ما استطعت سبيلًا.
وكانت همتي في هذا الكتابِ بيانُ الكبائرِ بدليلِها، دون استطرادٍ بعيدٍ عن الغايةِ والمرادِ الذي لأجلِه صنعتُ هذا الكتابَ.
وقد اختصرتُ في تخريجِ الأحاديثِ؛ تسهيلًا ليعمَّ به النفعُ إن شاء الله، واكتفيْتُ بالحكمِ على الحديثِ، وبيانِ وجْه العلّةِ إنْ كان معلولًا، وفي عزمي إنْ شاء الله إفرادُ كتابٍ للأحاديثِ التي ذكرتُها في كتابِي هذا فيما هو خارج الصحيحين، والتوسُّعُ في تحقيقِها تحقيقًا علميًّا رصينًا إنْ شاء الله تعالى، وقد زادَتْ على خمسين ومائتي حديثٍ.

وقد قسَّمتُه لأبوابٍ خمسَةٍ:
الأول: في تعريف الكبيرة وعلاماتها.
والثاني: في ذكرِ مسائلَ متعلّقةٍ بالكبيرةِ ومرتكبِها.
والثالث: ذكرتُ فيه الكبائرَ التي عندي فيها دليلٌ صحيحٌ, ورتّبتُها على الأبواب.
والرابع: ذكرتُ فيه بعضَ الكبائرِ التي أوردَها العلماء، واستدلوا لها بأدلةٍ، لكنِّني في ريب من عَدِّها في الكبائر.
والخامس: ذكرتُ فيه بعضَ الكبائرِ التي أوردَها العلماء, واستدلوا لها بأدلةً، لكنَّها مرودةٌ عندي، لضعفٍ في الدليلِ من حيثُ الإسنادِ أو الاستدلالِ.

ما تميَّز به الكتابُ:
ولا أحبُّ مدحَ نفسِي بشيءٍ لا أستحقُّه فأكوُن كلابسِ ثوبَيْ زورٍ، لكنني أحسبُ أنِّ هذا الكتاب تميَّزَ عن غيرِه بأمورٍ خمسةٍ:
أوَّلُها: حُسْنُ الترتيبِ.
وثانيها: الدِّقَّةُ في تعيينِ الكبيرةِ.
وثالِثُها: الاستدلال على كـل كبيرةٍ بما تـيـسَّر مـن كـتاب الله وسنة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
رابِعُها: الحرصُ على بيانِ صحيحِ الحديثِ من سقِيمِه.
خامسُها: محاولةُ الاستقصاءِ في ذكرِ ما نصَّ العلماءُ على أنَّه كبيرةٌ.
ولا أدَّعِي لنفسِي الكمالَ – معاذَ الله -؛ فهذه تهمةٌ أنا برئ منها، لكنَّه جُهْدُ المُقِلّ، وحسبي أنِّي بذلْتُ وُسْعِي، و{لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٣٣]، والله حسبي وهو على ما أكتبُ شهيدٌ.
ولْيَعْلَمِ القارئُ الكريمُ، أنِّي على يقينٍ، أنه لو قُدِّرَ لي أن أنظر في هذا الكتابِ بعد سنواتٍ من الآنِ – بل ربما بعد شهور – فسوف أعدِّلُ فيه ولا ريبَ، وسوف أستدركُ فيه على نفسِي، وهذه سُنَّةُ الله تعَالَى في خلقِه، شاءَتْ حكمتُه سبحانه ألا يكْمُلَ سوى كتابُه العظيم، فكلُّ ما عدَاه يعترِيه قُصُورٌ ونقصٌ.
فمنْ وجدَ خيرًا فلله الحمدُ والمِنَّة، ومن وجدَ غيرَ ذلك, ورَأَى أنِّي قد جانبْتُ الصوابَ، وقصّرْتُ في الوصولِ إلى المرادِ؛ فلْيعلمْ أنَّ هذه سجِيَّتِي، ولْيَلتمسْ لِيَ العذرَ فلستُ بمعصومٍ، ولو أحبَّ إتحافِي بإرسالِ ما له من تعليقاتٍ وتنبيهاتٍ، فأنا لفضلِه شاكرٌ، وله داعٍ.
وصلِّ اللهم على نبيِّنا محمدٍ وآله وصحبِه, والحمد لله رب العالمين.

وكتبه راجي عفو ربِّه
أبو حاتم سعيد القاضي
كفر الشيخ – مصر
صفر ١٤٣٧

زر الذهاب إلى الأعلى